فريق بتري وسوق الحلة قصة عشق لاتنتهي…
منى المقابلي

إنه ذلك الحي العتيق العريق ذا الطابع الحضاري الممزوج بطيبة ونداوة وجمال وصفاء اهل الريف (المعطون) محنة.
فمن عاش وترعرع فيه وألف تلك الوجوه الملائكية ولعب في ازقته وتحت اشجاره الوارفة الظليلة تذوق حلاوة الطفولة الحقيقية فمابين دكان الماحي ود الحسين) وطاحونة (برجس) ألف قصة وألف حكاية وما ادارك بدكان (الماحي ود زينوبة) حيث كافة المستلزمات وما إن تحصل على قطعة نقود تجري مسرعا صوبه لشراء (حلاوة دربس وقزازة بزيانوس) إنه زمن جميل وكل شي فيه له مذاقه وطعمه ونكهته.
جيل اليوم لايعرف (شريط اللمبة والرتينة واهمية الجازولين الذي كان يباع بدكان الماحي إضافة (لشبشب تموت تخلي) المصنوع محليا من بلاستيك الإطارات وهو اقوى أنواع الأحذية في ذلك الوقت.
(فالشدة للمدارس بانواعها المختلفة وجزمة زيزي النساء) واشهر محلاتها نذهب مشيا على الاقدم من فريق بتري الى دكان علي مصطفى بحي الشروق رحمة الله.
كم تسامرنا في حيشان فريق بتري الوسيعة وكم لعبنا تحت اشجار (الجنة ونيمة مرحوم والجمالي ) ودرسنا في خلوة الفكي عبد القادر لازال صوت شيخ عمر وشيخ عبد العزيز في آذاننا.
فريق بتري يختلف بثقافته ونحن صغارا كنا ننتظر شهر رمضان بحب كبير واجبنا تتجهيز مكان الافطار ووننتظر يوم التوسعة (الرحمتات) وما إدراك مايوم الرحمات حيث جولتنا صبية وفتيات ونحن (نردد الحارة مابردت) نضرب (بالعلب)كالاجراس عند الدراويش .
تخرج علينا خديجة بنت اقرب بالبلح وتغمرنا الزهراء بنت جاز رحمها الله وتمدنا (بالشوربة والشية والبلح ) فهي ام الجزار حروق والحبر رحمهم الله لاخجل ولاتكبر نأكل ونشرب ونرجع مبتهجين لايعيرنا احد.
ولسوق الحلة حكاية اخرى فمن منا لم يسمع صوت العشاري وهو يصيح ارح الخضار البشاير الخضرة الرجلة الجرجير ومن هناك يأتيك صوت حروق (بابمبينو لحم السليقة) .
لقد شاهدنا امهاتنا في السوق يبعن الخضار ولا احد يعيب ذلك في ذاك الزمان الجميل.
أما قريبة رحمها الله فكانت حكاية اخرى ركيزة لاهل الرياضة بالعيلفون تمثل دافعا لكل رياضي خاصة موردة العيلفون العريق (الهلب) كيف لا وهي جدة اللاعب الشهير بريش العيلفون كانت عندما تفوز الموردة تخرج بالزغاريد والحلوى احتفالا بالفوز
تشاركها حاجة زينوبة رحمها الله في ذات الحي والنسوة والشيب والشباب يجوبون العيلفون على ظهر المركبات رفعا لمعنوبات الفريق الفائز (والتح ترح المورة) تعم الارجاء.
فريق بتري ( زريبة عركي وحوش النور وفريق شمة والدومة وسوق الحلة وسهلة المايدة والصقيعة) قصص لاتنسى وذكريات في نفس كل انسان عاش في هذا الحي الجميل..
فالشوق قد عصف بنا الى تلك الأيام الخوالي وذاك الترابط الاسري العجيب فأذا توفى الله أحدا اغلقت ابواب النادي ثلاث ليالي حدادا تجتمع فرحا وكرها نتواصل محنة ونشد من بعضنا في كل الملمات.
فريق بتري (جنينة عبد الكريم وجنينة الجيلان وبابور ود ابجزمة ) وكثير من المناطق التي لها في القلب مكانة ولها عديد الذكريات.
لعن الله الجنجويد إلا ان تقوم الساعة فقد بارحنا ذاك الحي العتيق منذ اكثر من عام وظلت الروح تحن وتشتاق لزمن جميل ولحاضر أجمل فليت الزمان يعود وتطوى صفات الوجع وايام النزوح ونعمر تلك الأحياء من جديد لنعيش اريج الحاضر ونتنفس عبق الماضي.





