مقالات

.شاذلي عبدالسلام محمد يكتب … لمن نشكو؟

fjajpress.net

رأي إعلامي

أ.شاذلي عبدالسلام محمد

لمن نشكو؟

حين كنت صغيرا كنت مولعا بشخصية (علاء الدين) ذلك الفتى الذي امتلك مصباحا سحريا يُخرج له ماردا قادرا على تحقيق أي أمنيةو كان علاء الدين يواجه مشكلاته بمجرد فرك المصباح فيجد الحلول بين يديه دون عناء كبرت وكبر معي السؤال الذي لم يجبني عنه المارد يوما ماذا نفعل عندما لا يكون هناك مصباح سحري؟ لمن نشكو؟…

بالأمس وأنا أسير في سوق عطبرة وشوارعها متجها نحو إدارة جامعة وادي النيل شعرت وكأنني أخوض مغامرة في متاهة لا نهاية لها فالسيارات تملأ الطرقات والتكاتك تتسابق دون مسارات محددة والدرداقات تتحرك بلا ضابط وكان المشهد فوضويا إلى درجة جعلتني أتمنى ولو للحظة وجود مارد علاء الدين ليضع حدا لهذه الفوضى فعطبرة التي كانت يوما مدينة النظام والبساطة تبدو اليوم وكأنها تختنق في زحامها…في تلك اللحظات أدركت أن الزحام الذي يملأ الشوارع لا يعكس مجرد أزمة حركة مرور بل أزمة أعمق بكثير أزمة إدارة وتخطيط وربما أزمة وعي مجتمع فالأسواق التي يفترض أن تكون القلب النابض للمدينة تحولت إلى نقاط اختناق فالباعة يفترشون الطرقات والدرداقات تتسلل بين المارة والسيارات كأنها تحاول شق طريقها في بحر من الفوضى……

عزيزي القارئ لمن نشكو هل نشكو للمحلية التي غابت عن المشهد وتركت المدينة تواجه مصيرها بلا حلول؟ أم نشكو لأنفسنا لأننا نحن من سمح لهذه الفوضى بالتغلغل في حياتنا اليومية؟ عطبرة ليست مجرد شوارع وأزقة بل كيان ينبض بالحياة يحتاج إلى نظام يعيد له توازنه وإلى إدارة تؤمن بأن التنظيم ليس ترفا بل ضرورة……

احبتي الكرام وسط هذه الزحمة رأيت رجال المرور يحاولون كبح موجة الفوضى التي تضرب المدينة يقفون في الشوارع كمن يحارب بأسلحة مكسورة بلا بنية تحتية وبلا قوانين صارمة تدعم جهودهم و تبدو معركتهم وكأنها محاولة لصيد الريح كيف يمكنهم أن ينجحوا في ظل غياب خطوط سير واضحة او قوانين تنظم حركة المركبات؟…لكن المشكلة ليست في رجال المرور وحدهم بل في بنية المدينة التي لم تعد تحتمل التكاتك والمواتر تتحرك بلا نظام و الأسواق مكتظة بالباعة والسيارات والمشاة يتنافسون على البقاء في مساحة واحدة وكل هذا يجعل من أي محاولة لتنظيم الأمور مهمة شبه مستحيلة…..

يمكنني ان اجزم بان الحلول موجودة.. لكنها تنتظر الإرادة
الحلول لهذه الأزمة ليست معجزة وهي حلول بسيطة تحتاج فقط إلى الإرادة منها نقل الباعة والدرداقات إلى مواقع مخصصةو تخصيص مسارات للتكاتك والمواتر لتخفيف الزحام و تفعيل قوانين المرور بعقوبات صارمة للمخالفين و تطوير البنية التحتية بتحويل بعض الشوارع إلى اتجاه واحد و تخصيص ممرات طوارئ لضمان سرعة وصول سيارات الإسعاف وحملات توعوية لتعزيز ثقافة الالتزام بالنظام بين الجميع…..

عزيزي القارئ الزحام أزمة إنسانية قبل أن تكون أزمة طرق ما شاهدته بالأمس في سوق عطبرة ليس مجرد زحام بل انعكاس لأزمة إنسانية سيارات الإسعاف تكافح للوصول إلى المرضى و الحوامل ينتظرن الخلاص وسط الطرق المزدحمة والمارة يكافحون ليشقوا طريقهم في فوضى لا ترحم. ….

ختاما هل نحن المارد الذي ننتظره؟بينما كنت أغادر السوق، أدركت أن عطبرة لا تحتاج إلى مارد سحري بل إلى إرادة مجتمعية فالمدينة تستحق أن تتنفس بحرية وأهلها يستحقون شوارع منظمة وآمنةو الحلول موجودة لكنها تنتظر من يضعها قيد التنفيذ….

إلى أن نلتقي يبقى السؤال معلقا لمن نشكو؟ والأهم متى نبدأ في الحل؟

الى ان نلتقي ….

فجاج برس

صحيفة سياسة اجتماعية شاملة مستقلة ، تدعم حرية الرأي و الرأي الاخر، وحرية الاديان ، ونبذ خطاب الكراهية و العنصرية و القبلية و الجهوية و مكافحة المخدرات ، و تدعو للسلام و المحبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى