مقالات

حسن فضل المولى يكتب …  صوتٌ من السماء

فجاج برس

حسن فضل المولى 

 
صوتٌ من السماء ..

حسن فضل المولى يكتب ... صوتٌ من السماء
حسن فضل المولى

كان فخيماً ..
و أنت تستمع إليه ،
تمتليء يقيناً ،
و تطول السموات العُلى ،
و تتسع حتى لا يسعك المكان ،
( الشيخ عوض عمر الإمام ) ..
و الذين عاصروه ،
عرفوا فضله ،
و خبروا طريقته ،
و أدركوا سبقه إلى الخيرات ..

و أنا منذُ يفاعتي ،
في الإجازة المدرسية كنت آتي
من ( الكتياب ) و أعمل مُناولاً
مع عمي ( جادالله ) في متجره
بشارع ( السيطان ) في
( سوق أم درمان ) ، مما أتاح
لي فرصة التردد مساءً على
( جامع أم درمان الكبير ) ،
و الصلاة خلف الشيخ
( عوض عمر ) ..
و أنت تستمع إليه تدرك
كيف أن الأبدان تقْشَعِر ،
و كيف أن الجلود تلين ،
و كيف أن الأرواح تسمو ..
إذ كنت آتي مُثقلاً و مُتعباً ،
و لما أفرغ من الصلاة ،
أخرج و كأني أطير بلا جناحين ..
و بعدها ..
كنت حين أراه يأتي أو ينصرف ،
و هو يعتمر ذلك ( القفطان )
المميز ، أود أن لو أمسكت
بأطرافه اعجاباً و تَقَرُباً ..

و الشيخ ( عوض عمر ) ،
الثابت أنه أول قارئ للقرآن
الكريم ( بالإذاعة السودانية ) ،
في العام ( ١٩٤٢ ) ..
و كان يأتي إلى ( الإذاعة ) مبكراً
ممتطياً (حماره ) المعلوم ،
و يضع له ما تيسر من ( العلف ) ،
و ينطلق إلى ( الأستديو ) لتسجيل الإفتتاح ..
و كان أهل ( أم درمان ) في موسم ( الخريف ) يستسقون به إذا أبطأ ( الغيث ) ، فيخرجون معه إلى
الفضاء الواقع جنوب غرب
( كبري أم درمان ) ،
و يأتمون به ..
و يروي أحد ظرفاء المدينة ، أنه
في عام جدبٍ استسقى للناس ،
و قدَّر الله غيثاً ظل منهمراً لم
ينقطع فجاء إليه جماعةٌ و قالوا :
( ياشيخ عوض شوف لينا طريقة
للمطرة دي كان تقيف ) ..

قال ( القرطبي ) ، رحمه الله ،
في بداية كتاب ( الجامع لأحكام
القرآن ) :
( و لما كان هذا الكتاب بهذه ،
المنزلة ،
حيث نزل به أمين السماء ،
على أمين الأرض ،
فقد عَزمْتُ أن أُفنيَّ فيه عمري ) ..
و لئن فاتنا أن نُفْني أعمارنا في
كتاب الله ، حفظاً و تدبراً و عملاً ،
فالنَذْكُر بخيرٍ كل من أفنى عمره
فيه ،
و لعل الشيخ ( عوض عمر )
واحدٌ من كثيرين في ( السودان ) ،
أفنوا أعمارهم فيه ..
ثُمَّ ..
لنجعل لنا في يومنا نصيباً من
القرآن ،
و لو سورة واحدة ،
و لو آية و احدة ..
إن ( فاتحة الكتاب ) وحدها
تكفيك و تحييك ، و تكفي
العالمين و تحييهم ،
فرددها من مرةٍ إلى آلاف ..
و إن آية ( قل هو الله أحد ) ،
هي الدين كله ،
و التوحيد كله ،
و الفلاح كله ،
فرددها من مرةٍ إلى آلاف ..
و على هذا فقِس ..
فليس في القرآن قليل ،
و ليس في القرآن ضئيل ،
و ليس في القرآن صغير ..

قبل أيام وافتني السيدة الموقرة
(حنان أحمد المصطفى) ،
من مغتربها ( بهولندا ) بهذا
التسجيل للشيخ ( عوض عمر ) ،
و لما كان الشيخ ( عوض ) نبتةً
( أم درمانية ) صالحةً ،
فإن ( حنان ) نبتةٌ ( أم درمانية )
فالحةٌ ..
و أهل ( أم درمان ) يفاخرون
بأمجاد ( أم درمان ) ..
و الشيخ عوض عمر من
من منارات ( أم درمان ) ..
و كان حالي مع ( التسجيل ) ،
كأني قد لَقِيتُ به الشبابا ،
و كلَ العمر الذي مضى ،
و كل الرحمة و اليقين و القوة
التي أرجو ..
و جدتني و أنا أستمع إليه ،
أقوى ما أكون بقدرة الله ،
و أضعف ما أكون بحيلتي ..
أعظم ما أكون ،
و أهون ما أكون ..
أقرب ما أكون ،
و أبعد ما أكون ..
فأغمضوا عيونكم ،
و ابذلوا أسماعكم ،
و استجمعوا قواكم ،
و استغرقوا في خشوع مع
سورة النجم ،
تلاوة الشيخ ( عوض عمر ) ..
و التي ورد فيها أن الرسول ﷺ
قد رأى من آيات ربه الكبرى ..
و ورد فيها ..
( أَمۡ لَمۡ يُنَبَّأۡ بِمَا فِي صُحُفِ
مُوسَىٰ .
وإِبۡرَٰهِيمَ ٱلَّذِي وَفَّىٰٓ .
أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰ .
وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ .
وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ .
ثُمَّ يُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَآءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ .
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ .
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ .
وَأَنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلۡمُنتَهَىٰ . ) ..
و السلام ..
الجمعة ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٤ ..

فجاج برس

صحيفة سياسة اجتماعية شاملة مستقلة ، تدعم حرية الرأي و الرأي الاخر، وحرية الاديان ، ونبذ خطاب الكراهية و العنصرية و القبلية و الجهوية و مكافحة المخدرات ، و تدعو للسلام و المحبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى