الحكومة الكينية تتقرب من نظيرتها السودانية … ماذا يحدث؟

في تطور دبلوماسي لافت، أعلنت الحكومة الكينية استعدادها لإعادة بناء العلاقات مع السودان، بعد فترة من التوتر الحاد واتهامات متبادلة بلغت ذروتها مع اتهام الخرطوم لنيروبي بدعم سياسي وعسكري لقوات الدعم السريع، المتورطة في نزاع مسلح مع القوات المسلحة السودانية منذ أبريل 2023.
ونقلت صحيفة The Star الكينية عن وكيل وزارة الخارجية، كورير سينغوي أوي، تأكيده خلال لقائه بالقائم بأعمال سفارة السودان في نيروبي، محمد عكاشة، أن كينيا لم يكن لها أي دور في السودان سوى السعي لتحقيق السلام والوحدة الوطنية، مضيفًا أن بلاده ملتزمة بدعم “سودان موحد وسلمي”. وأشاد المسؤول الكيني باستعداد الخرطوم للحوار، واصفًا إياه بالخطوة الجوهرية نحو تحسين العلاقات الثنائية.
جذور الأزمة الدبلوماسية بين السودان وكينيا
بدأت الأزمة في 24 فبراير 2025، عندما قررت الخرطوم سحب سفيرها من نيروبي، احتجاجًا على استضافة كينيا لمؤتمر سياسي يضم قوى داعمة لقوات الدعم السريع، تحت مظلة تحالف “ميثاق تأسيس”. وفي رد تصعيدي، أصدرت وزارة التجارة السودانية في 13 مارس قرارًا بوقف استيراد المنتجات الكينية عبر جميع المنافذ الحدودية.
جهود لاحتواء التوترات وإحياء التعاون
رغم التصعيد، أظهرت تقارير دبلوماسية تحركات جدية لاحتواء الأزمة، تمثلت في اجتماع رسمي جمع وكيل الخارجية الكيني بالقائم بأعمال السفارة السودانية في نيروبي، بهدف إحياء اللجنة المشتركة للتعاون. وتأتي هذه الخطوة امتدادًا لزيارة سابقة لوزير الخارجية السوداني السابق، علي يوسف الشريف، إلى كينيا في يناير 2025، والتي شهدت اتفاقًا على ضرورة تعزيز الحوار.
اتهامات بدعم عسكري وتمويل خارجي
في تطور يزيد من تعقيد الأزمة، أعلن الجيش السوداني امتلاكه أدلة تثبت تورط كينيا في دعم قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخائر، مشيرًا إلى العثور على معدات عسكرية داخل الخرطوم تحمل شعارات الجيش الكيني. وأفاد ضباط سودانيون بأن تلك الأسلحة استخدمت في معارك بمناطق استراتيجية كالطائف وأركويت ووسط العاصمة.
وفي سياق موازٍ، كشف مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، السفير الحارث إدريس، أن كينيا تلقت تمويلاً بقيمة 193 مليون دولار، إلى جانب قرض إماراتي بمليون دولار، مقابل استضافة مؤتمر “ميثاق تأسيس”، ما اعتبرته الخرطوم تدخلاً مباشرًا في شؤونها الداخلية.
تمسّك كيني بالوساطة ورفض سوداني قاطع
رغم استمرار نيروبي في عرض وساطتها، إلا أن الخرطوم ترفض أي دور للرئيس الكيني ويليام روتو في حل الأزمة السودانية، متهمةً إياه بالانحياز لصالح طرف مسلح.
آفاق العلاقات بين الخرطوم ونيروبي
في ضوء التحركات الدبلوماسية الأخيرة، تبرز مؤشرات أولية على رغبة الجانبين في تجنّب التصعيد والانفتاح نحو الحوار، لكن الخرطوم تشدد على ضرورة تقديم كينيا لضمانات واضحة قبل استئناف التعاون السياسي والاقتصادي.
ويبقى مستقبل العلاقات مرهونًا بمدى نجاح اللقاءات الدبلوماسية المقبلة، وقدرة الطرفين على تجاوز التوترات المتجذرة التي فجرها النزاع الداخلي السوداني، بانعكاسات إقليمية ودولية متسارعة.
سودافاكس






