الجهد الشعبي و الرسمي للقضاء على ناقل حمى الضنك والإيدز ايجبتاي
فجاج ـ منقول
ضربت مؤخرا حمى الضنك و مشتقات ناقلها البعوض النهاري البلاد عرضا و طولا ، بعد أن كانت محصورة في عدد ﻻ يتعدى اصابع اليد الواحده، و في ظل الوضع الحالي فإن الوقاية خير من العلاج ، والصحة الوقائية كان لها أن تكون اﻻولوية ، لمنع تلك الأوبئة ، في ظل شح في الدواء و غلاء اﻻسعار ، و مواطن يعاني ويلات الفقر ، بعد نهب كل مدخراته ، وأصبح يعاني من الفقر المدقع.
وقد كثرة بالميديا الوصفات وطرق الوقاية ، وكما قيل في مثلنا السوداني “سيد الرايحة يفتش خشم البقرة” ، ولكن لم نستصحبها ، ولكن ما ذكر أدناه نعتقد بأنه من السبل التي تؤدي للقضاء على نواقل اﻻمراض بصفة عامة منى ما توحد الجهد الشعبي والرسمي.
أنا د. ضياء الدين احمد النعيم ، بروفيسور بيولوجي في جامعة ميرلاند الساحل الشرقي بالولايات المتحدة الأمريكية ومتخصص في علم الحشرات الطبي بخبرة كبيرة في مكافحة الأمراض في السودان وعدد من الدول الأخرى. اكتب لكم هذه الرسالة بناء على طلب من الاخ محمد بلة راجيا لكم التوفيق في القضاء على مرض حمى الضنك وتقديم نموذج وقدوة لباقي المدن في السودان.
كما يتوفر لكم من معلومات هذه الايام، تنتج حمى الضنك من الاصابة بفيروس الدنق الذي تنقله انثي بعوضة الإيدز ايجبتاي ( الزاعجة المصرية كما تم التعارف عليها). هذا المرض ليس له علاج غير الراحة والتغذية الجيدة والمسكنات كما ان ليس هنالك وسيلة للحماية منه غير القضاء على بعوضة الإيدز ايجبتاي التي تنقل ايضا مرض الشكنغونيا ( يسمى الكنكشة بالسودان) ومرض الحمى الصفراء القاتلة وهي غير بعيدة الاحتمال بعد ظروف الحرب والفوضى الاخيرة.
رغما عن ان مرض الضنك يتم الشفاء منه في ايام معدودة فهو خطير ويمكن ان يؤدي للوفاة خاصة إذا تمت الاصابة مرة أخرى بنوع اخر من نفس الفايرس بعد اخذ المناعة من الاصابة الاولي.. هذا ايضا غير مستبعد وقد حدث فعلا وسيتكرر حدوثه في المستقبل علما بان السودان يحتوي على الأنواع الاربعة من الفايرس.
لتنظيم المكافحة بطريقة جيدة يجب معرفة حقائق اساسية عن بيولوجية وايكولوجية الإيدز اجببتاي الناقلة للمرض.. هذه الحشرة تسمى بالبعوضة المنزلية لانها تعيش كل حياتها داخل المنازل او المكاتب او الاسواق ولا تتغذى على كائن سوى البشر. وهي تتوالد بصورة حصرية في المياه العذبة الموجودة بالأواني المختلفة بما في ذلك الأزيار و البراميل و الصهاريج وأحواض المكيفات كما ان لها تفضيل خاص للمياه داخل اطارات السيارات الملقية بالمنازل او الاماكن العامة ، بعد اكمال مراحل النمو من البيضة الي الشرنقة، مرورا باربعة أطوار من اليرقات، تطير البعوضة البالغة وتتزاوج وتتغذي على اي مصدر سكر ( من رحيق الأزهار ، الفاكهة او بعض أوراق الأشجار) لتبدأ بعدها الاناث في التغذية علي دم الانسان لإنضاج البيض وإعادة دورة الحياة.
اثناء حياتها التي تمتد الى شهر او شهرين حسب درجات الحرارة، تقيم الحشرة البالغة في الاماكن المظلمة الرطبة مثل جوف المكيفات او خلف الدولايب والكراسي بالغرف المختلفة.. وهي لا تطير لمسافة تتجاوز المائة متر من اماكن توالدها. بمعني ان البعوضة التي تعضك في المنزل ناتجة من نفس المنزل او المربوع الذي تسكن فيه.
وعلى خلاف الأنواع الأخرى من البعوض تنشط الإيدز ايجبتاي اثناء فترات الصباح واخر النهار قبل الغروب ، ونسبة لان الانسان يكون صاحيا في هذه الاوقات تأقلمت هذه البعوضة على العض وشطف الدم والهروب بسرعة شديدة عندما يحس بها الشخص.. هذه الطريقة المنزعجة في اخذ الدم قد تضطر البعوضة للتغذية عدة مرات من اشخاص مختلفين مما يزيد من سرعة انتشار المرض وتعدد الحالات داخل المنزل الواحد ، وهي تتلقي الفايرس عند التغذية علي شخص مصاب بالمرض لينمو في كل خلايا جسمهما لفترة ثمانية ايام بما في ذلك الغدد التي تفرز اللعاب الذي تحقنه في دم الانسان عند التغذية والبيض الذي تضعه لاكمال دورة الحياة.
بعد اكمال وجبة الدم تمكث الانثي في الاماكن المذكورة أعلاه لفترة ٢-٣ ايام لإنضاج البيض، بعدها تطير لوضع البيض على الحواف الداخلية القريبة لسطح الماء في الأواني المختلفة.. وعند ملامسة البيض لسطح الماء يتم الفقس لإنتاج اليرقات وتكملة دورة الحياة.. واذا تم تفريغ الاناء بدون نظافته يظل البيض عالقا وحيا بداخله لفترة قد تمتد الى ثمانية اشهر.. واذا احتوي هذا البيض على الفايروس فانه يشكل مصدر توالد وخطر متي ما تم ملء الاناء مرة أخرى .
لذلك يجب ان يتم قتل البيض بغسل ودعكه جيدا بمواد خشنة (مثل ليفة السلك في حالة الأزيار والبراميل والصهاريج او التخلص منه تماما في حالات الإطارات القديمة المهملة.
يمكن تدعيم مكافحة الأطوار المائية برش الغرف والمكاتب والمحلات التجارية بالمبيدات التي تستخدم في المنازل ( مثل البف باف وخلافه).. في هذه الحالة تغلق الغرفة بصورة محكمة ويتم الرش بكثافة متضمنا جوف مكيف الهواء إذا وجد.. بعدها تترك الغرفة مغلقة لفترة ١٥ دقيقة على الاقل للتاكد من موت كل البعوض. اما الرش بالطائرات او العربات التي تجوب الشوارع فهو غير مجدي لان البعوضة تختفي داخل الأواني والغرف مما يعقد وصول المبيد لها.
بإيجاز يكمل الحل في منع توالد هذه البعوضة وهو امر ممكن جدا إذا تضافرت الجهود الشعبية لتحقيقه..وهو امر سهل التحقيق علما بان البعوضة تظل في حيز مائة متر ولا تطير الى مسافات بعيدة.
وانا على ثقة انكم ستستطيعون ذلك وسأكون على استعداد للدخول معكم في اجتماع اسفيري لتنظيم الحملة وإنجازها كما انني جاهز لتقديم محاضرة عن المرض والبعوضة وطرق المكافحة.
وصيتي هي تنظيم الحملة بصورة شعبية شاملة بادخال النساء وأطفال المدارس ..وان تحرصوا على تجفيف وغسل الأواني في الحيشان وازالة اطارات السيارات ، واهم شئ هو ايجاد طريقة لدخول المنازل المهجورة فهي غالبا ما تكون مصادر التوالد.
وفقكم الله..
