مقالات

أ.شاذلي عبدالسلام محمد يكتب … خرطوم الكبرياء

fjajpress.net

*رأي إعلامي*

أ.شاذلي عبدالسلام محمد

 خرطوم الكبرياء

🔹في عالم السياسة هناك تصريحات تبنى عليها قرارات وتصريحات تبقى عالقة في الهواء بلا وزن وبينما تنتمي معظم التصريحات إلى الأولى أحيانا تصادف تلك التصريحات التي تبدو وكأنها خرجت من مشهد مسرحي هزلي تصريح ابن الرئيس الأوغندي باجتياح الخرطوم مجددا هو مثال حي على هذا النوع الثاني تصريح جمع بين الجرأة الزائفة والرغبة في الاستعراض على مسرح لا وجود له …..

🔹ابن الرئيس وكأنه في لحظة تجل عابرة قرر أن يعيد صياغة مشهد الغزوات العسكرية متجاهلا كل ما يعرفه العالم عن الخرطوم مدينة لها تاريخ طويل يمتد عبر قرون شهدت فيه مزيجا من المجد والألم لكنها ظلت صامدة دائما الخرطوم ليست مجرد مساحة من الأرض يمكن أن تجتاح بقرار عابر وليست لوحة بيضاء يمكن أن يكتب عليها أي سياسي مبتدئ طموحه غير الواقعي ….

🔹تلك اللحظة العبثية التي قرر فيها ابن الرئيس الحديث عن (اجتياح مجدد) تعكس غيابا تاما لفهم الحقائق ليس فقط عن الخرطوم ولكن عن العالم من حوله فمن أين جاء بهذا التصور هل يعتقد حقا أن الخرطوم مدينة تنتظر عند أبوابها من يقتحمها كفاتح عظيم أم أنه يعيش في وهم القوة الذي يحاول بعض القادة الصغار استخدامه لتعويض نقص الخبرة والرؤية…..

🔹عزيزي القارئ إن الخرطوم لمن يعرفها جيدا ليست مكانا يسهل الاقتراب منه دون فهم عميق لتاريخه إنها مدينة قامت على صمود أهلها وظلت مركزا للكرامة السودانية عبر الأجيال لم تكن الخرطوم يوما ساحة مفتوحة للطامحين بسلطة زائفة من حاول الاقتراب منها دون احترام وجد نفسه في مواجهة شعب يعرف قيمة أرضه وكرامته….ولكن لنكن واقعيين ماذا يعني تصريح كهذا ولماذا يتحدث ابن الرئيس عن (اجتياح مجدد) وكأنه يتحدث عن رحلة سياحية هل يدرك معنى التحديات التي تواجهها الخرطوم وهل يعرف ما تحتاجه هذه المدينة حقا الخرطوم ليست بحاجة إلى أحلام جديدة بالغزو بل إلى يد تمتد لمساعدتها على تخطي الأزمات التي خلفتها الحروب والصراعات….

🔹احبتي دعونا نتأمل قليلا في فلسفة (القوة) التي حاول ابن الرئيس أن يقدمها في تصريحاته القوة الحقيقية ليست في الحديث عن الاجتياح بل في القدرة على بناء جسور الثقة والسلام الخرطوم ليست مدينة يمكن كسبها بالسلاح بل هي مدينة تحتاج إلى احترام تاريخها وإرادة شعبها…وربما كان من الأولى أن ينظر ابن الرئيس إلى أوغندا إلى قريته ومدنه ليرى كم تحتاج بلاده إلى التنمية بدلًا من التفكير في مغامرات عبثية خارج حدودها فالقائد الحقيقي هو الذي يبدأ بالإصلاح من الداخل لا الذي يحاول تصدير الأزمات أو اختلاقها..

🔹الخرطوم بعراقتها وتحديها ليست ساحة لمثل هذه التصريحات الجوفاء فهي ليست بحاجة إلى “محرر” وليست في انتظار أحد ليأتي ليكتب تاريخها شعبها هو الذي يكتب هذا التاريخ بالحبر والدم بالكد والتحدي الخرطوم ليست في انتظار أي جنرال يحاول أن يثبت وجوده على حسابها….

🔹عزيزي الكريم إذا كان ابن الرئيس يعتقد أن الخرطوم يمكن أن تجتاح بتهديد فربما عليه أن يعيد قراءة كتب التاريخ فالخرطوم تعلمت منذ أزمان بعيدة كيف تقف بوجه الطغاة والمغامرين وهي مدينة إن اقتربت منها بخطاب الوهم ستكشف لك أنها أكبر من أحلامك الصغيرة…..

🔹في النهاية الخرطوم ليست للبيع ولا للاجتياح ولا لتكون جزءا من مسرحيات سياسية غير مدروسة إنها مدينة الكبرياء مدينة الشعب الذي يعرف أن حمايتها واجب لا يقبل المساومة لذا دعونا نترك الخرطوم لأهلها وندعو ابن الرئيس ليتأمل قليلا في حكمة قديمة تقول (القوة في البناء لا في الهدم)
فالخرطوم كما كانت دائما ستظل صامدة وستظل أكبر من كل التصريحات التي تحاول التقليل من عظمتها..

إلى ان نلتقي…

٢٤ ديسمبر ٢٠٢٤م

فجاج برس

صحيفة سياسة اجتماعية شاملة مستقلة ، تدعم حرية الرأي و الرأي الاخر، وحرية الاديان ، ونبذ خطاب الكراهية و العنصرية و القبلية و الجهوية و مكافحة المخدرات ، و تدعو للسلام و المحبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى